بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة
خير الوصية
للمرحوم العلامة الشيخ
محمد بن عبدالله الرمضان الدعبلي
الخزاعي
دنيانا الفانية
هي الـدار دار العـنى والمحــن---ودار الـغرور ومـأوى الحزن
و دار الكـروب ودار الـخطوب--- ودار الـحروب ودار الفتـن
ولو نـلت ما نـال قارونـهـا---لـمت و في القلب شجــن
فمـن رام يومـا بها أن يعيـش---خلياً من الهـم فهو الأجــن
فلا العذب منها خلا من أجـاج---و لا الصفوا منها خلا من درن
فلا تـأمـلـن بها راحـــة---و في رغد العـيش لا تطمعـن
فما أحـد عاش مـن شـرها---معـافا سليمـا خلا من وهـن
و لا ملك نـال فيـها منـاه--- و لا ذو الفـنى بغنـاه اطمئـن
و لامعدم جانبته الهمـــوم---و لا سالمتــه صروف الزمــن
و لا الأنبيـاء و لا الأوصياء---و لا مؤمـن عـاش لم يمتحــن
فأي أمرىء عاقـل يرتـجي---دوام السـرور ولم يفتتــــن
يا كاشف الهم
فهون عليك الأمور الشـداد---ومـن رحمة الله لا تقنطــــن
وعنك أطرحن واردات الهموم---وثق بالإلـه ولا تجزعـــــن
فكم كربة ضاق منها الخنـاق---فزالت و فرجهــا ذو المنــن
وكم أعقب العسر يسرا قريب---وكم جــاء نصر خلاف الـجبن
وكم فرحة أعقبت ترحـــة---وكم أخلف الظـن ما لم يظـن
فثق بالإله و حقق رجـــاه---و من لطف ذو اللطف لا تيأسن
أصول الدين
و سارع إلى عمل الصالحـات--- وللسيئــات فلا تقربـــن
و والي الرسول وآل الرسـول---و عنهم فخذ محكمــات السنن
و لا تأخذ الدين من غيرهـم---و فيها سواهــم فلا تتبعـــن
فهم شركاء الكتــاب المبين --- كما جــاء نص عن المؤتـمن
و أد الصـلاة و آت الزكـاة---فهــذي بهذه إلهي قــــرن
فمن لم يزكي كمن لم يصـلي---و من لم يصلـي فلن يسلمــن
و صم واجب الصوم مع نافليه---فإن الصيــام زكــاة البـدن
و حج إذا استطعت بيت الإله---و مهمــا تمكنت لا تمهلـــن
لئلا يفاجيك سيف الحمـام---فتحشــر مع عابدين الوثـــن
فضل الزيارة
و زر قبر خير الورى المصطفى---ومــن بالبقيع لكي تكملــن
و قبر الإمام علي الوصــي---وقبر الحســين أبنه المؤتـــمن
زيلرة قبر الإمـام الحســين---بسبعــين مـن حجنا تعدلــن
و تاركهـا موسـراً قـادراً---له الديـن بالنـص لـن يكملـن
و باقي الأئمة زرهم جميـع---وأيــاك أيــاك أن تتركــن
خصوصـاً بطوس علي الرضا---فزائــره عتــقه قد ضمــن
أيضمـن جنـات عدن لـه---مـع الخلـد فيهـا و لا يوفــين
المعاصي و الكبائر
و لا تقربـن الزنـا و الربـا---و للمـسكرات فـلا تشـربـن
فإن الزنـا من كبـر الذنوب---و في النـار فاعلـه يخـلــدن
و أكل الربا مـوبـق مهلك---شبيـه الزنـا بـل لـه يفضلـن
و أخذه ثم معطـي لـــه---و شـاهده رَبنا قـد لـَعــــن
و رأس الفجور شراب الخمور---ثـمانـين شـاربه يـجلـــدن
و بالوالدين إحسانا
و بالـوالـدين فـكن محسنا---فقـد أرضعـاك لـذيـذ الـلـبن
و في غـير مـا حـرم الله لا---تخالفهمـا فيــه أو تعصـــين
وسارع لبرهمـا في الحيــاة---و بعد الممــات فـلا تفصلــن
فشكرهما في الكتـاب المبـين---صريـحا بشكـر الإلـه أقتــرن
و إيــاك إيــاك أن يغضبا---و إن أغضبــاك فلا تغضـــبن
فربـك يغضـب إن يغضبـا---و يـرضى إذ رضيــا فأحــذرن
و أمــك أمــك زد برها---فقد حــاربت في ربــاك الوسن
و ضمتـك في بطنها تسعـة---و في الوضـع قـاست شـديـد المحن
فلست تقوم بحــق لــها---و لـو أخـذت فيـك وفـر الثمـن
فـإن قلـت أف لها عامداً---أثــمت وأيــاك أن تفعلــــن
صلة الرحم
و رحمك صله و لو بالسلام---و إن قـاطعـوك فـلا تقطعــــن
يصــلك الإله بعمر جديد---وتجزأ غــداً بالــجزاء الحســـن
و في صدقـاتك فأبدأ بهم---و بعد الكفـايـة بالـــجار ثــن
حق الجار
فللجــار حق على جاره---بنــص الكتـاب لـه الله ســـن
و قـم للضيافة في وقتهـا---فبالضيف يعمـر ذاك الــوطـــن
و للبيـت يأتي برزق جديد---و يخرج عن أهلــه بالـــــدرن
أخلاقيات
وللنفس عود على المكرمات---و جد بالفضــول و لا تبخــلن
فإن الجواد حبيب الإلـــه---و لو كـان عــاص و لا تسرفـن
و راعي التواسط في كل حال---فقد قـال رب السما وأقصــدن
و لا تؤذيـن من عليه تـجود---فتبطلــه بأذاً أو بمــــــن
وكـن دائمـا راضيـا قانعا---و إيــاك إيــاك أن تسـألـن
فإن السـؤال يـذل الرجال----و يرغـم أنـف الفـتى و الـذقن
و من مـاء وجهك لاتبـده---إلى النـاس يومـا و لا تـرهـقـن
طلب الرزق عبادة
و في طلب الرزق لا تستـحي---فأسبـابـه قـط لـن تحصـــرن
فإن في بلادك نلت الكفـاف---مـع الأمـن فيهـا فلا ترحـلــن
فإن لم تنله فســافر لــه---إلى أن تجــده و لو بالــيمـــن
و إن تعد من حصول الكفاف---فـإن الإلــه لــه قد ضمـــن
بشرط القنـاعة و الإقتصـاد---و تقوى الإلــه مع حســن ظــن
فضل العلم و العلماء
وكــن عالما لا تكن جاهلا---فــإن الجهــول أخــوذا الرسـن
و في طلب العلم كن جـاهداً---و لو بالثريـــا لــه فاطلـــبن
ونافس لطـلابه ما استطعت---و بــاحث لأربــابه وأسألـــن
قصودك إن لم تنــل رتبة---تثــاب ومـــن أهله تحســـبن
و لا تسرف العمر في غـيره---فـلا خير في عيـش مــن يجهلــن
فصنـه بحلـم وعقل وزين---وللمــال و الــجاه لا تخضعـــن
فمن شأن ذو العلم أن يسألوه---و لا ينبغي منـة أن يســألـــن
و مهما علمت فكن عامـلا---بـما قـد علمـت لكي تصـدقــن
فمن لم يكـن عاملا شبهـه---بخضــراء تـزهو ولا تثمــــرن
وقبر رفيع عــلاه البـياض---و داخلــه قد حشــاها النــتن
رجال العلم
و شيخك في العلم عظم لــه---وكن مثل عبــد شري بالثمــن
له الحق قدما على مــن سواه---أبو الــروح هذا لـه فأخضعـن
وطالبه منـك فـارفق بــه---وكـرر عــليه عسـى يفهمـن
فإذا حــزت علمــا بهذى---تكـن وارث الأنبــياء فاعلمـن
و تفضل بألف من العـابديـن---كذا في النصـوص أتى فارغــبن
لك الصدر قدماً وإن أخـروك---و حُكمُـكَ أحكــامها تعلــون
لك الِذكرُ باقٍ خلفَ الممـات---و ذو الـملك و الـمال لا يـذكرن
مــدادك مثل دم الشهــدا---إذا في غـــداً ذا بــهذا يـزن
لك الطير يدعو بأفــق السما---و أملاكــها عنك تستغفـــرن
و تبكيك إن مت أرض الإلـه---وينعــى بــحزن عليك الزمــن
و ما قـد أتى فيـه لا تحسبن---بخــط و نطق و لا تحصـــــين
الشجاعة
و إياك و الجبن عند الــنزال---ففي الجبن عــار على مــن جـبن
فإن الشجاعة زين الرجــال---بـــها يبلـغ الـمرء عـالِ الفنن
فزنها بحلم و عقل و زيـــن---و لا تطغـــين و لا تعجـــبن
و لا تتكـبر على من سـواك---فتنحــط قــدرا و لا ترفـعــن
تواضع لمن قـد علـى أو دنى---و في أحــد قــط لا تزهـــدن
بخفض الجناح تنــال النجاح---من الله و أرحـم كــي تُرحمــن
لسانك حصانك
وكف اللسـان تنـال الأمـان---فـلا تشتمــن و لا تكـذبــن
و لا تغتب الناس فيما علمـت---مـن العيـب منهــم و لا تقذفــن
و دع ما استطعت فضول الكلام---و ايـاك و الفحـش إن تنطقـــن
فإن للســان أطلت الكـلام---هوى بـك في غـابة تعطـــــبن
تدبر كلامــك قبل الـكلام---و بالقلب لا باللســان أنطقـــن
وكن حسن الخلق في كل حال---وخـدك للنــاس لا تصعـــــرن
فقد مـــدح الله خير الأنام---بخــــلق عظـــيم لــه فاتبعن
ففي حسن خلق الفتى راحــة---و مـن سـاء خلق لـه فأهجــرن
الغيرة و الصبر
و ذو غيرة كن على مـن تعول----مـن الأهـل والولـد لا تغفلـن
فلا خير في رجــل لا يغيـر---علـى أقــاربيه و لا يحميـــن
و عند المصـائب كن شـاكراً---صبـوراً جـلوداً و لا تـجزعـن
فعـاقبة الصبر فتـح قريــب---و بعد الممـات جــزاء حسـن
فقد جــاء في الذكر مدح كثير---و أجر جزيل لــمن يصــبرن
الأمانة في التعامل
و أد الأمـانة في أهلهــــا---و لو كــان صـاحبها ذو وثن
و إيـاك إيـاك ظلم العبــاد---ففيـه القصـاص و لا يغفــرن
و إيــاك غش أمرىء مسلـم---و في الكيـل و الوزن لا تنقصـن
و لا تبخس الناس أشياءهــم---و لا تعثــو في أرضــه مفسداً
وكـن في التجـارة سـمحٌ إذا---شَريتَ وبِـعتَ و لا تطمعــن
فإن السماح يُفيــدُ النجـاح---و لا بد صـاحبهـا يربـــحن
و لا تكتم العيب قيما تبيـــع---و لا تمدحــن و لا تحلفـــن
الصحبة السيئة
وأنهــاك عن صحبة الفاسقين ---فإن لم تـكن منهــم تتهمــن
و لا لوم فيها على تــاهميك---لهم قـام عذر عـلى ســـوء ظن
فإن لم تجد عاقــلا صـالحا---تقيــاً وفيــاً فــلا تصحـبن
و هذا عـزيز بهذا الزمــان---قليــل الــوجــود فلا تطلبن
و صير لك النـاس مثل الدوا---لغير الضــرورة لا تقـــربــن
و عـاشر جميع الورى بالجميل---لـعلك مــن شــرهم تسلـمن
و مـمن تخـالطه فأحـذرن---و إيـاك مـن أحـد تـــأمنن
و خفهم جميعا كما قد تخاف---مـن الليـث تخشـاه أن يفرســن
و دار الجميـع بـما تستطيع---و كل عـلى عـقله فأحملــــن
و لا تغترر بظهور الصــلاح---فـكـم ظـاهرا مخلفـا ما يـظن
فكم روضة أعجبت نـاظـرا---رجى نفعها و هي خضــرا الدمن
و للبيـض قشر شديد البياض---و فيه الصحـيح و مـا يمرقـــن
العمل للآخرة
و إن السـراب يريك الشراب---على البعد منـــه و لا يوثــرن
فطوبى لمن نـــال عنها غنى---و ويل لــمن قيــدته الـمحن
فلا تطلبن أملا في الحيـــاة---فتفنى ليـاليـك لا تعلــــمن
فتطلب عند الممات الرجـوع---لـتعمل خــيراً و لا يحصلـــن
ففي الصبح لا تأملن المســاء---و عند المســا الصبــح لا تأملن
وكن دائما ذاكراً للممــات---و سكنى القبـور و لبـس الكفــن
و بعـد المزار و هجر الديـار---و يتم الصغــار وثكــل السكـن
و ضيق اللحـود وطول الرقود---و مزق الجلــود و أكـل البــدن
و إتيـان منكرها مــع نكير---لكي يســألاك و يستبحثــــن
وهول الحساب و عرض الكتاب---و رد الـــجواب إذا تســألـن
وحر الجحيم و شرب الحميــم---وهــول عظيــم اذا تحشــرن
و نطق الجوارح فيما علمــت---من الخيــر و الشــر أن تكتمن
فأين الـخلاص و أين المـناص---مــن الله إن مــت أن تـهربن
فحاسب لنفسك قبل الحسـاب---ونــاقش لــها قبل أن تنقشن
وأثبت عليها جميع الحقـــوق---لربــك و النــاس ثم أطـلبن